في زمننا المعاصر تفاقم الكسل والتواكل في الناس ومع كثرت المقاهي والملاهي، أصبح العمل من أجل لقمة عيشهم أمر لا يحدث. بل يظنون أن السماء تمطر ذهبا وفضة. وإذا سألتهم عن سبب تخاذلهم في البحث عن عمل، فإنهم يتحججون بان العمل مرهق ومستهلك للصحة. غير انهم لا يعلمون أن به تحرر الإنسان من سيطرة الطبيعة والصدفة.
العمل لا يعني الإنتاج فقط:
نعم لا يعني الإنتاج فحسب، اي الإنتاج يشبع المتطلبات فقط. بل ايضا قدرة الإنسان على الصنع. فوجود الإنسان يتعلق بكل ما ينتجه. إن العمل يخلد الفاني، مقاومة للعدم. ومعنى هذا أن يكون العمل لذة وهواية. وأعلم أن انتاجك هو الذي يخلد وجودك.
فانظر إلى الفلاح على سبيل المثال. كيف أن شجرة زيتون هي التي خلدت أثره، وإلى نجار كيف أن منضدة خلفت أثره. فذلك الجهد يعطي لوجود الإنسان معنى ومبررا. فالأغنياء الذين لا يعملون فهم يفقدون إحساسهم بالوجود. لذلك يقتلون وقتهم من دون أن يثبتوا وجودهم. فلا يشعرون سوى بالخواء. ويحاولون تناسيه بالاعتراف فيما يقتل الوقت.
لحظة أمل أمام إنتاجنا:
فالإنسان يشعر بعد كل يوم عمل انه قد برر ذلك اليوم ولم يتركه يذهب هدرا. انه قد عاش يومه ولم يقتل يومه، فيشعر بالراحة والرضا. وان عمله لن يقوى عليه الفناء. وسيظل مبررا لوجوده. وإذ أن الإنسان قد يظل يعمل الساعات الطوال دون كلل أو ملل. وان لحظة تأمل نقضيها أمام انتاجاتنا، تجعلنا ننسى التعب والإرهاق. وما العمل الا إرادة وعزيمة.
لماذا لا نعمل؟
إذا فلماذا لا نعمل؟ أ لأننا لا نريد، ولماذا لا نريد؟ أ لان معجمنا من الحس والخيال والوعي قليل؟ وانظر إلى الماعز على سبيل المثال. منذ ولادته لماذا لا يهدأ؟ أ لأنه قرأ المعلومات والبحوث عن الحركة والنشاط؟ أ لان أحد اغراه؟ إلا أنه يتحرك وينشط لان زاده من الحس والخيال كثير.
فما بالنا نحن نعجز عن أن نعمل؟ بل ما بها نحار كيف نشعر ونتخيل؟ ان عملنا ممارسة لحقوق الإنسان وتحقيق لوجوده، ونحن نشعر أمام أعمالنا، امام انتاجنا بلذة لا توصف.
وأننا نفخر بوجودنا الإنساني رغم ضالته، إذا حققنا به حلما. ويظل عمل الانسان شامخا يحكي انجازاته حتى بعد وفاته. تخيلوا كيف تكون حياة رجل ورث عن أبيه ثروة طائلة مكنته من تلبية حاجياته دون عناء او عمل او بذل جهد. هل سيكون سعيدا؟ وهل يجد لحياته معنى؟ هل يحقق وجوده؟
No Comments